“ذا نيويوركر”: بهذه الطريقة قلبت واشنطن موازين الحرب لصالح أوكرانيا
وتابعت الصحيفة، “أدى اختيار الناخبين البريطانيين في عام 2016 لمغادرة الاتحاد الأوروبي – المعروف باسم البريكست – إلى بدء حقبة سياسية فوضوية تميزت بحكم سلسلة من القادة الضعفاء: تيريزا ماي الضعيفة، بوريس جونسون …، وليز تراس غير الكفؤة. وجاءت استقالة الأخيرة بعد انهيار أسواق العملات والسندات استجابةً لخطتها الاقتصادية، التي كانت تخاطر بارتفاع التضخم مع تخفيضات ضريبية غير ممولة. كان هذا بمثابة إذلال لاقتصاد متقدم كبير لم تشهد بريطانيا على مثيل له منذ التسعينيات. كان من الممكن أيضًا تجنبها، مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي بدونها كان إنتاج البلاد أعلى بنحو 5.2 في المائة بحلول نهاية العام الماضي، وفقًا لأحد التقديرات الصادرة عن مؤسسة فكرية أوروبية. إن أي تحول في مجرى الأمور سيبدأ بالظهور الأسبوع المقبل، حيث يختار حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا رئيس الوزراء المقبل”.
وأضافت الصحيفة، “ريشي سوناك، وزير المالية السابق والذي احتل المركز الثاني في انتخابات القيادة الأخيرة، من المرجح أن يثبت أنه أكثر ثباتًا من تراس أو جونسون، الذي يطالب البعض بعودته. يجب على الحزب أيضًا إصلاح الطريقة التي يختار بها قادته. وتقوم العملية الحالية على تمكين أعضاء الحزب من دفع المستحقات، الذين يميلون إلى اليمين الشعبوي أكثر من معظم البريطانيين. بعد ذلك، يجب على الولايات المتحدة وأوروبا أن تقدما المساعدة. وتستمر مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في التمدد، حيث لا تزال الأسئلة المتعلقة بالحدود بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية بدون حل، كما أن التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي صعبة للغاية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الجمهور البريطاني يفضل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر ليونة، والتخلي عن بعض السيطرة على الإجراءات القضائية والتنظيمات في مقابل التجارة الأسهل، والمزيد من التعاون في إنفاذ القانون وما شابه. ومن مصلحة بريطانيا وأوروبا السعي وراء ذلك. في غضون ذلك، يجب على الرئيس الأميركي جو بايدن تنشيط محادثات التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وبريطانيا، والتي توقفت منذ دخول بايدن المكتب البيضاوي”.
وبحسب الصحيفة، “على مدى العقدين الماضيين، كانت بريطانيا شريكًا رئيسيًا في أفغانستان، أكان في تدخل 2011 الذي أطاح بالديكتاتور الليبي معمر القذافي أو في إبرام الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. استضافت البلاد قمة كبيرة حول تغير المناخ العام الماضي وظلت صوتًا قويًا يعزز التنمية العالمية. ويظهر دعمها الثابت لأوكرانيا أنه لا يزال بإمكانها لعب دور حيوي وبناء. يجب أن تكون بريطانيا أكثر من مجرد مُصدّر للإشاعات المتعلقة بالعائلة الملكية والأخبار السياسية الفاضحة. يجب على الولايات المتحدة وأوروبا مساعدة بريطانيا على استعادة مكانتها في نظام عالمي ليبرالي يتعرض لهجوم من روسيا والصين وغيرهما”.
[8:34 AM, 10/23/2022] +961 70 717 048: ترجمة: “ذا نيويوركر”: بهذه الطريقة قلبت واشنطن موازين الحرب لصالح أوكرانيا
نشرت مجلة “ذا نيويوركر” الأميركية تقريراً موسعاً تناولت فيه الجهود الأميركية لتسليح أوكرانيا، لافتة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قدّمت، منذ بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا، معلومات استخباراتية قيمة وأسلحة قوية، وهو خيار أتى بثماره في المعركة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولفتت المجلة إلى أن مجموع المساعدات العسكرية الأميركية إلى أوكرانيا خلال العام الأخير بلغ 16 مليار دولار، مع إعلان واشنطن أخيراً عن حزمة مساعدات جديدة بقيمة تتخطّى المليار دولار. وأشارت إلى أنه من بين العناصر الرئيسة في هذه الحزمة، 18 منظومة إضافية من “هيمارس” الصاروخية، وهو ما يفوق ضعف عدد الترسانة في أوكرانيا.
ويتطلّع المسؤولون الأوكرانيون الآن للحصول على أسلحة إضافية يعتقدون أنها ستتيح لهم القيام بهجمات مضادة أكثر قوة، وتتمثل بدبابات قتال حديثة تتوافق مع معايير حلف شمال الأطلسي (الناتو)، طائرات مقاتلة مثل مقاتلات “إف-16″، ونظام الصواريخ التكتيكية طويلة المدى لضرب مراكز الإمداد واللوجستيات في شبه جزيرة القرم.
ويعتقد وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أن مثل هذه المساعدات أمر لا مفر منه، مستذكراً عندما كان في واشنطن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل بدء الغزو الروسي، وطلب حزمة صواريخ “ستينغر”، فجاء الجواب بأن هذا الأمر مستحيل. ويقول: “هذا ممكن الآن. عندما طلبت مدافع عيار 155 مليمتراً، كان الجواب لا. منظمات هيمارس، لا. صواريخ هارم، لا. الآن أصبح الجواب على كلّ هذه الأمور نعم”، مشيراً إلى أنه متأكد من أن أوكرانيا ستحصل في الفترة المقبلة على دبابات وصواريخ تكتيكية ومقاتلات “إف-16”.
ويلفت إلى أن أوكرانيا أثبتت، بمساعدة الولايات المتحدة و”الناتو”، أن مواجهة روسيا ممكنة. ويضيف: “لسنا خائفين من روسيا. ونطلب من حلفائنا في الغرب ألا يخافوا منها بعد الآن”.
ويروي ريزنيكوف للمجلة تفاصيل مباحثاته مع الغرب في مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، عندما سافر من كييف إلى القاعدة الجوية الأميركية في رامشتاين ميزنباخ الألمانية، حيث كان يجتمع مسؤولون في “الناتو” لبحث الدعم العسكري لأوكرانيا، بعد فتح أوكرانيا جبهة ثانية، في عملية مفاجئة باتجاه المناطق التي تحتلّها روسيا في خاركيف.
ويقول: “تعلّمت ألا أرفع من سقف توقعاتي كثيراً، خصوصاً في زمن الحرب”، مشيراً إلى أنه كان يتلقى طلبات معينة من الجنرالات في الجيش، ثم يقوم بشرح الحاجة لها لحلفاء أوكرانيا.
ويلفت إلى أن الحرب كانت في مرحلتها الثالثة وقت زيارته إلى رامشتاين، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى تمثلت ببساطة بصدّ العدو في المناطق التي تمكّن من اختراقها، فيما تمثلت المرحلة الثانية بتحقيق ما يشبه توازن القوى في ساحة المعركة.
ويوضح أن حصول أوكرانيا على ما يكفي من الأنظمة المدفعية والذخيرة من الولايات المتحدة و”الناتو” سمح للقيادتين العسكرية والسياسية بالتفكير بجدية في المرحلة الثالثة، وهي شنّ عملية هجومية.
وأشارت المجلة إلى أن بوتين كان يراهن في ذلك الوقت على تعب الجمهور الأوكراني من الحرب وتراجع التزام الغرب تجاه أوكرانيا، مع حفاظ جيشه على الخطوط الأمامية في الجبهة، وتعطيل الصراع بشكل متزايد لإمدادات الطاقة والغذاء العالمية. ونقلت عن مسؤول في إدارة بايدن معني بالسياسة الأوكرانية، قوله: “لقد رأينا مساهمة إمدادات الأسلحة الأميركية في تحقيق نجاح حقيقي في ساحة المعركة، ما أدّى بدوره إلى تعزيز الدعم لتقديم المزيد”.
التحضير للمرحلة الثالثة
مع انتهاء الربيع، وبدء الصيف، شعر ريزنيكوف بملل متزايد في بعض العواصم الغربية، حيث إن المواقف ركزت على مساعدة أوكرانيا على المقاومة ومنع تدميرها، في حين أراد هو ومسؤولون آخرون أن يثبتوا للشركاء الغربيين أن بإمكان الجيش الأوكراني أن يستعيد مساحات شاسعة من الأراضي التي تحتلها روسيا. بحسب رأيه، “سيظهر الهجوم المضاد أن المشاركة في مساعدة الضحية أمر، وإدراك أنه يمكن معاقبة المعتدي، أمر آخر”.
في يوليو/تموز، التقى مسؤولون عسكريون من أوكرانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في قاعدة في أوروبا لوضع سيناريوهات محتملة. كانت نقطة الانطلاق بالنسبة إلى الأوكرانيين عبر حملة واسعة عند الجبهة الجنوبية، في خطوة ليست لتحرير مدينة خيرسون فحسب، بل مئات الأميال المربعة أيضاً في منطقتي ميكولايف وزابوريجيا المجاورتين. والتقى المخططون العسكريون في ثلاث غرف، مقسمة بحسب كلّ دولة، حيث ناقشوا السيناريوهات نفسها، وغالباً ما عملوا 20 ساعة في اليوم، حيث ساعد المسؤولون الأميركيون والبريطانيون في صقل استراتيجية الأوكرانيين.
ويقول مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن لدى الغرب خوارزميات ومنهجيات أكثر تعقيداً عندما يتعلّق الأمر برسم الخرائط اللوجستية واحتساب معدلات الذخيرة مثلاً، مضيفاً: “لم تكن الفكرة أن نخبرهم ما عليهم فعله، ولكن بدلاً من ذلك منحهم محاولات عدة لاختبار خططهم”.
وفق مسؤول البنتاغون، أظهرت المناقشات الأولية أن الدفع الموحد بالجيش عبر الجبهة الجنوبية ستكون تكلفته عالية بالنسبة إلى الجنود والمعدات الأوكرانية، وقد بدا الأمر غير حكيم، لافتاً إلى أن الأوكرانيين عرضوا هذه النسخة من الهجوم مرات عدة، ولم يتمكّنوا من إيجاد نموذج ناجح.
جبهة مفاجئة
في الجنوب، كانت أوكرانيا تقوم بقصف المواقع الروسية بأنظمة الصواريخ الدقيقة المقدّمة من الولايات المتحدة، ورداً على ذلك، نقل الجنرالات الروس عدداً كبيراً من الوحدات خارج منطقة خاركيف في الشمال الشرقي، لدعم القوات قرب خيرسون. واستقرّ المجتمعون على فكرة من شأنها استغلال هذه الثغرة الأمنية، وهي قيادة هجوم على جبهتين، ليتم إبلاغ ريزنيكوف بعد ذلك بقليل. ويقول: “لقد فهمت أن المطلوب مني الحصول على الأسلحة اللازمة لهم”.
في أواخر شهر أغسطس/آب، بدأت القوات البرية الأوكرانية تقدمها باتجاه خيرسون، في “عملية طحن” بطيئة، تكبّد فيها الجانبان خسائر فادحة. وبعد أسبوع، اندفعت القوات الأوكرانية نحو الخطوط الروسية في منطقة خاركيف، وهي خطوة فاجأت القادة العسكريين الروس، إذ إنه مع نقل العديد من الوحدات إلى الجنوب، كان عدد من المناطق في الشمال الشرقي تحت حراسة القوات الروسية غير المجهزة، وشرطة مكافحة الشغب التي تتمتّع بالقليل من الخبرة القتالية.
ووفق المجلة، تخلّى الكثير منهم ببساطة عن مواقعهم وهربوا، تاركين وراءهم صناديق من الذخيرة وحتى بعض الدبابات، لتتحرّك القوات الأوكرانية بسرعة عبر البلدات، الواحدة تلو الأخرى، غالباً على مركبات قتالية زوّدها بها الغرب، مثل عربات “هامفي” وناقلات الجند المدرعة الأسترالية “بوشماستر”.
كان ريزنيكوف لا يزال في طريقه إلى رامشتاين عندما تلقى رسالة نصية تتحدّث عن الاختراق الذي تحقق قرب خاركيف، مع استعادة القوات الأوكرانية مدينة بالاكليا، وهي بوابة رئيسية في المنطقة. وبحلول الوقت الذي هبط فيه ريزنيكوف في ألمانيا في الثامن من سبتمبر، كان المظليون الأوكرانيون قد وصلوا إلى نهر أوسكيل، على بعد ثلاثين ميلاً مما كان يُعرف بخط المواجهة الروسي قبل ساعات فقط. وخلال أيام، استعاد الجيش الأوكراني أكثر من 700 ميل مربع من الأراضي.
في اليوم التالي، التقى ريزنيكوف بوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي، حيث تم إطلاعهما على الهجوم المضاد، وانضمّا إلى ريزنيكوف في تتبع تقدّم الجيش الأوكراني على الخريطة. ويقول ريزنيكوف هنا إنّ كلا الرجلين حافظا على رباطة جأشهيما، لكن من الواضح أنهما كانا متحمّسين، مضيفاً: “كانا يعرفان ماذا يحدث، وماذا يعني ذلك”.